لإعجاب بين البشر له أشكال متعددة .. ودائما ما يكون الإعجاب حصيلة انتقاء في الاختيار ويعتمد على الحاجات النفسية الي يتطلبها كل شخص وبناء عليه يتكون نوع من الإعجاب .. أحيانا يكون الإعجاب فطريا يتعلق بنظرة الإنسان للجمال والكمال في الأشياء من حوله, فهو يشعر بالإعجاب بها من منطلق نظرته القائمة على الفطرة والسليقة غالبا, و تلعب البيئة والوراثة والتربية الدور الأكبر في مقاييس الإعجاب لدى أي إنسان
جميل .. ولكن ماذا لو كان الإعجاب أمرا غير طبيعيا .. كأن تعجب فتاة بأخرى إعجابا يؤدي بها الي درجة العشق في بعض لأحيان, ومراحله تبدأ بالصداقة، ثم الحب والتعلق، ثم التوحد والأنانية وفي آخر مراحله الشذوذ ! .. والإعجاب من هذا النوع في بدايته يأخذ شكل الصداقة، لكنه سرعان ما يدب فيه الفساد، و تتحول هذه العلاقة إلى رغبة غير سوية يطمس شخصية المعجبة في المعجب فيها
واجهتني شخصيا حالات مشابهة ... أولها كانت فتاة زميلة لي في المرحلة الإعدادية .. كنت حينها صغيرة وقليلة الخبرة لأعرف كيف أتعامل معها .. وببساطة لم أعرها أي انتباه بل تجاهلتها .. ولم أعي مدى التأثير النفسي السلبي
الذي وقع علي تلك الفتاة بابتعادي عنها ... وتكرر الموقف في آخر المرحلة الثانوية .. ولكن هذه المرة من فتاة مراهقة تصغرني سنا .. عبرت عن إعجابها لي بجنون .. كانت ترسل لي رسائل ملؤها كلمات الشوق والغرام !!.. ولم تنسى بطاقات عيد الحب والهدايا وباقات الورد ! .. وفي هذه المرة أيضا خانتني تجربتي من جديد .. ولم أعرها أي اهتمام في بداية الأمر بل أخافتني فابتعدت .. ولكن ما جعلني أغير موقفي هو مكالمة من والدة الفتاة تطلب مني أن أعطي من وقتي واهتمامي القليل لابنتها .. فهي معجبة بي لدرجة الجنون
الحقيقة تلك المكالمة جعلتني أراجع حساباتي و أفكر .. ما الذي يجعل تلك الفتاة تعجب بي بتلك الطريقة غير الطبيعية !!! .. وما الذي يجعل والدتها بتلك الحالة اليائسة لتطلب مني تدارك الوضع و أن أعير بعض الاهتمام لأمر غير صحيح من الأساس .. يومها حاولت أن أقرأ بين سطور الكتب .. علني أجد الحل في كيفية التعامل مع هذا النوع من الإعجاب, حتى لا أظلم الفتاة .. وأعينها على تخطي تلك المرحلة التي كانت بوضوح .. مرحلة غير سوية
نعم أعتقدت أنها تمر بأزمة نفسية .. وما زلت أعتقد أن الإعجاب من هذا النوع غير طبيعي
استمر إعجاب الفتاة .. و مرت الأيام و بدأت مرحلتي الجامعية .. و كبرت تلك الفتاة أيضا .. إلى أن جاء اليوم الذي ارتبطت فيه ... هذه الفتاة الآن متزوجة وأم
ربما الكثير منا واجه حالات مشابهة .. وربما قد مر بها أحيانا
ولكل من يواجه مثل تلك الحالات .. إن من أهم أسباب هذا الجنوح العاطفي الغير سوي لدى الفتيات هو الفراغ .. وعدم الاستقرار الأسري .. و احيانا نقص العاطفة والحنان من قبل الأهل وخصوصا الأم .. و غياب الحوار السليم بين الأهل والبنت حيث تجد انعدام التفاهم بين البنت و أمها وربما عدم الانفتاح بينهما ما يؤدي بالفتاة لتبحث عن صدر حنون آخر تتجه إليه لتفرغ عاطفتها ... وقلة الوازع الديني ... لكن علينا إلا نتجاهل هذا الإعجاب, بل نحتضنه بحكمة واتزان .. حتى نأخذ بتلك الفتاة إلى شاطيء الأمان
كنت دائما ما أفكر ... نعم لقد أعجبت بي تلك الفتاة و كان إعجابا غير طبيعيا .. ولكنها التجأت لي في الوقت الذي كان من السهولة بها أن تقع فريسة لذئاب تصطاد ضعفها و تعكر صفو برائتها .. لذا -وإن كان إعجابها غير سليم- لكنني من يقع عليه مسؤولية توجيهها و معالجة الأسباب وأن لم أستطع فعلي أن انبه الأهل قبل أن تنحرف اي فتاة تمر بهذا
الاضطراب العاطفي
المشكلة هنا أضطراب عاطفي سببه انحسار العاطفة فأصبحت العواطف لغة غريبة بين الأهل في مجتمعات قائمة على العادات القبلية التي عفى عليها الدهر .. ممنوع التقبيل .. ممنوع التعبيرعن المحبة بين الام والأب والأبناء أوبين الاخوةوالأخوات .. الخ
الجفاف العاطفي ... تلك مشكلة أخرى تحتاج منا لوقفة
2 comments:
المشكلة في مجتمع يعتبر الحب محرماً إلا في السر. ازدواجية و خوف من مواجهة المشاكل و انكار كل مشكلة في مجتمعنا الصغير
وضع الفتاة في المجتمع أخطر بكثير , فهي إن لم تجد في محيطها الحب فتأكيداً ستبحث عنه خارجاً و لن تكون عندئذ العواقب حميدة . فالمجتمع مليئ بالكلاب الضالة الباحثة عن الضائعات و الباحثات عن ملئ فراغهن العاطفي
:)
antihero
:)
Thanx
interesting opinion
Post a Comment